کد مطلب:306582 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:154

ظلم الامس لا تغفره دموع الیوم


.. بكی أبابكر حینما اتته شكوی بنت نبیه.. فثاب إلی مدامعه عساها تفی ء علی روحه بعض الراحة..

فأنه یعلم من هی فاطمة اذا صعدت شكواها منه إلی اسماع الرسول.

فانطلق هو و عمر إلی بیتها یستر ضیانها مما كان قد بدر منهما، و كل املهما ان یمحوا ما لعله علق بنفسها فی ذلك الیوم.

حینما ابیا علیها ان یكون لها نصیب من أرض فدك، التی خلّفها ابوها لها.

و كان شعور الخلیفة یستحثه ان یلتقی علیاً، الذی ظل عفاً نبیلاً صافی الروح والقلب، والذی لم یفكر یوماً فی ان یلج مع خصمه برغم ما بدر عنه.. بل عسی ان یكون الاول و الاخیر بین الناس من آبی علی من ناصره ان یتحدث أو یجرح كرامة


غریمه أو یحط من قدره.

.. و استأذنا الشیخین علی فلذة المصطفی.

فأبت سیدة الاحزان، حتی ان عمر أتی علیاً فقال له:

- (ان ابابكر شیخ رقیق القلب، و قد كان مع رسول اللَّه فی الغار فله صحبته، و قد اتیناها غیر هذه المرة مرات نرید الاذن علیها، و هی تأبی ان تأذن لنا، فأن رأیت تستأذن لنا علیها فافعل).

.. فنظر علی الی عمر.. و قد فاض من عینیه و میض من الاشفاق.. رغم ما تحمل من أذی و ألم بسببهما و قال: (نعم).

فدخل علی علی فلذة محمد صلی اللَّه علیه و آله و سلم یترجاها فی ان تأذن لهما، كأنه ولی لهم، و لم یكن الخصم و الغریم.

فنظرت إلیه الزهراء نظرة دهشة و اعجاب، فی حین كانت مقلتاها تستدر منها الدموع، فقالت:

(واللَّه لا أأذن لهما و لا اُكلمهما كلمة من رأسی حتی القی أبی فاشكوهما بما صنعاه وارتكباه منی).

لكنها سمعت صوت علی الرقیق و هو یقول لها:

- (انی ضمنت لهما ذلك).

فقالت و هی تمسح دموعها، و لما رأت من توسل و ترج من علی زوجها، قالت:

- (ان كنت قد ضمنت لهما شیئاً فالبیت بیتك والنساء تتبع الرجال لا اخالف علیك بشی ء فأذن لمن أحببت).

.. أنت سیدتی حقاً أن تكونی سیدة نساء العالمین من الاولین و الآخرین، لأنك مثال للمرأة الصالحة والزوجة المطیعة.

لانك ما اردت اغضاب زوجك أو عدم اطاعته بهنة.. و ذلك هو التكامل فی


الشخصیة و خوالجها و مشاعرها.

.. فأنك بهذه اللحظة رغم ما تعانین من مرض كانوا هم مسببیه رضیت و قبلت بما اراده منك زوجك.

فیا لعظمة روحك.. و هنیئاً لنا.. أن نقتدی بمن هی أهل للاقتداء.

.. أجل خرج علی فأذن لهما بالدخول علی بنت المصطفی الرسول صلی اللَّه علیه و آله و سلم، فدخلا و قرءآها السلام فلم تجب.

فالتفت أحدهما نحو الآخر یستفسران لكن؟!!

ثم تقدما فقعدا امامها فحولت وجهها عنهما فتحولا و استقبلا وجهها سلام اللَّه علیها حتی فعلت مراراً، ثم قالت:

- (یا علی جاف الثوب).. ثم قالت للنسوة اللائی حولها.

- (حولن وجهی).

فلما حولن وجهها حولا إلیها و سألها أن ترضی عنهما، و تصفح عما كان منهما الیها فقالت بنبرات حزینة:

- (أنشدكما باللَّه، اتذكران رسول اللَّه استخرجكما فی جوف اللیل بشی ء كان حدث من أمر علی فقالا:

- (اللهم نعم)، فقالت:

- (انشدكما باللَّه هل سمعتما النبی یقول: «فاطمة بضعة منی و أنا منها من آذاها فقد آذانی و من آذاها فی حیاتی كمن آذاها بعد موتی» قالا:

- (اللهم نعم) فقالت:

- (الحمدللَّه).

ثم رفعت یدیها و هما ترتجفان و قالت بقنوت:

- «اللهم أشهدك فأشهدوا یا من حضرنی، انهما قد آذیانی فی حیاتی و عند موتی، واللَّه لا اكلمكما من رأسی كلمة حتی القی ربی فاشكوكما إلیه بما صنعتما بی وارتكبتما


منی». [1] .

.. فكان وقع كلمات الزهراء اشد من وقع ضربات السیف علیهما.

فمادت الارض من تحتها.. و دارت كالرحی.. حتی سارا من هول ما لقیا یترنحان.

عند ذلك دعا أبابكر بالویل و الثبور، و قال و هو یطفق برأسه و یضمه بین یدیه:

(لیت اُمی لم تلدنی).

و غادرا الدار و قد خبأ املهما فی أرضاء زهراء محمد صلی اللَّه علیه و آله و سلم.

فی تلك اللحظات التفتت الزهراء نحو علی و قالت و هی حابسة لجأشها:

- (قد صنعت ما اردت)؟ قال: (نعم) فاردفت:

- (فهل أنت صانع ما آمرك)؟

فقال متألماً لحالها:- (نعم).. فقالت و هی تزفر بحرقة:

- (فأنی أنشدك اللَّه أن لا یصلیا علی جنازتی و لا یقوما علی قبری).



[1] الامامة و السياسة ج 1 ص 14- 18، اعلام النساء ج 3 ص 1214، البخاري في صحيحة، كما و رويت هذه الرواية القائلة بهجران فاطمة أبوبكر حتي توفيت عليهاالسلام في باب غزوة خيبر.. كما و رواها كتاب الفرائض، صحيح مسلم في كتاب الجهاد، و في مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 9، في النسخة المطبوعة بالميمنة، البيهقي في سننه ج 6 ص 330 طبع حيدرآباد، الترمذي في صحيحه، بيت الاحزان للشيخ القمي.

(اعتراف أبي بكر بكشفه لدار فاطمة) عليهاالسلام تاريخ الامم والملوك دخل عبدالرحمن بن عوف علي أبي بكر فقال له: ارجو أن تكون بارئاً فقال ابوبكر في مرضه الذي توفي فيه: اني لا آسي علي شي ء من الدنيا إلّا علي ثلاث فعلتهن وددت أني تركتهن إلي أن قال: فوددت أني لم اكشف بيت فاطمة عن شي ء. الطبري ج 2 ص 619، ميزان الاعتدال للذهبي ج 2 ص 215، و كنزالعمال ج 5 ص 631، لسان الميزان ج 4 ص 219، مروج الذهب ج 2 ص 301.